أنانية نفسية

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة

الأنانية النفسية هي النظرية التي تعتبر أن الدافع الأساسي وراء الأفعال الإنسانية هو المصلحة الشخصية، حتى في الأفعال التي يبدو عليها طابع الإيثار و العطاء؛ حيث ترى أنه حتى حينما يختار الإنسان تقديم المساعدة لغيره فإن الغاية النهائية وراء هذا الخيار تكون المنافع الشخصية التي يتوقع بأن يحصلها - بشكل مباشر أو غير مباشر - من وراء القيام بهذا الفعل.[1][2] و تبدو هذه النظرية ذات طابع توصيفي أكثر منه معياري؛ بما أنها تدور في فلك توصيف ما هو كائن، لا ما ينبغي أن يكون. و لكن قد تكون هذه النظرية مرتبطة بأنماط معيارية، كما في الأنانية الأخلاقية، و الأنانية العقلانية.

إحدى أشهر الأمثلة على هذه النظرية هو مذهب اللذة، و الذي يرى بأن الدافع الأساسي لجميع الأفعال البشرية هو الرغبة في تحصيل اللذة و تفادي الألم. و معظم المناقشات حول الأنانية النفسية تدور حول هذه الرؤية.. هناك من المنظرين من خالف هذا المذهب و قام بتفسير الأفعال بالمصلحة الشخصية دون استخدام اللذة و الألم كعلل نهائية للفعل البشري.. أما مذهب اللذة فيرى بأن السبب وراء الأفعال هو تحصيل السعادة في اللحظة الحاضرة، أو في المستقبل، و على هذا فقد يتم التضحية في المتعة الحاضرة من أجل تحصيل متعة أكبر في المستقبل. و أيضاً، وفقاً لهذه النظرية، فان الإنسان لا يتحرك بشكل صارم لتجنب الألم، فقد يتحمل الألم و يتعرض له في سبيل تحقيق لذة منتظرة. تبدو كل الأفعال - وفقاً لهذ المذهب - كأدوات في سبيل زيادة مقدار اللذة و إنقاص مقدار الألم، حتى تلك الأفعال التي تبدو ذات طبيعة غيرية، كالعطاء و الإيثار، أو تلك الأفعال التي لا تحقق تغيراً في اللحظة الحاضرة في مستويات الإشباع.

التنظير لمذهب اللذة[عدل]

في الفلسفة اليونانية، نجد إبيقور يعتبر بأن الإنسان يعيش كي يزيد من سعادته؛ حيث اعتبر بأن نظرية السعي وراء اللذة تتحقق في حياة الإنسان من الطفولة إلى الرشد، و يعتبر حتى تأدية الأفعال ذات الطبيعة الغيرية، و المشرفة، و الفاضلة ليس من أجل الآخرين أو بدافع قانون أخلاقي متعالي، إنما لأجل زيادة رفاهية الذات.

في الفلسفة الحديثة، نجد جيرمي بنتام يؤكد - كما سبقه إبيقور - على أن السلوك البشري محكوم بالحاجة إلى زيادة السعادة و إنقاص الألم. حيث قام بنتام بتوصيف الأنواع و المستويات التي يتواجد بها كل من الألم و السعادة، و كيف أن الدوافع البشرية يمكن تفسيرها على حدى من خلال مذهب اللذة. كما سعى إلى تحديد و تكميم مذهب اللذة، فنجده مثلاُ يبحث عن الفعل البشري المثالي بالاعتماد على حسابات تكامل و تفاضل للمتعة، أو باستخدام قياسات المكاسب و المخاسر النسبية في اللذة و الألم، في سبيل تحديد الفعل الأكثر جلباً للسعادة، و الذي يمكن للإنسان أن يقوم به في وضعية ما.

و من منظور تطوري، اعتبر هربرت سبنسر أن الناس و الحيوانات تبحث بشكل دائم عن البقاء و المحافظة على النسل. و رأى أن حاجة الفرد و العائلة للحياة تتعارض مع حاجة الآخرين للحياة، و أن جميع الأنواع تحاول أن تزيد من فرص بقائها، و رفاهيتها. كما أكد سبنسر على أن أكثر الكائنات تأقلماً مع محيطها هي التي تحصل على مستويات سعادة تفوق مستويات الألم الآتي من الطبيعة، و بناءً عليه فالسعادة عنده هي أن يتمكن الإنسان أو الحيوان من إشباع هدفه الشخصي بالبقاء، و سوف تبقى السعادة دائماً ملاحقة ما دامت الأنواع تسعى إلى البقاء.

في علم النفس الحديث[عدل]

التحليل النفسي[عدل]

على الرغم من أن سيغموند فرويد لم يكن من (مدرسة التحليل النفسي لالأنا) ، إلا أن مفهومه لمبدأ اللذة استعار الكثير من الأنانية النفسية، و مذهب اللذة بشكل خاص. حيث يقود مبدأ اللذة - عند فرويد - سلوكيات (الهو)، و التي تمثل القوى اللاواعية التي تدفع الإنسان لإشباع الرغبات الغير ملباة، المكبوتة. و عندما قدم فرويد الثاناتوس (قوى الموت) و مقابله الإيروس (قوى الحياة) .. أصبح (عامل اللذة) المأخوذ عن مذهب اللذة إحدى القوى المكونة للإيروس، و التي تدفع بالإنسان إلى إشباع الرغبات الجنسية. و بالمقابل يسعى الثاناتوس إلى وقف الآلام الإنسانية من خلال الموت، و إنهاء السعي وراء إشباع الملذات؛ و بالتالي فإن الثاناتوس حاكم على مذهب اللذة، ولكنه يركز على تجنب الألم تماماً، خلافاً لمذهب اللذة الذي يسعى إلى تحصيل اللذة و تجنب الألم؛ و لذا فان فرويد كان يعتقد بصورة مختلفة نوعياً من مذهب اللذة؛ حيث التجنب الكامل للألم و التحصيل لأكبر قدر ممكن من المتعة منفصلين عن بعضهما، و بغرض مستقل لكل منهما، و بتأثير متمايز على النفس البشرية.

المدرسة السلوكية[عدل]

المدرسة السلوكية التقليدية في علم النفس، تعتبر بأن كل التصرفات البشرية يمكن تفسيرها من خلال التكيف الكلاسيكي و التكيف التفاعلي. التكيف التفاعلي يتم من خلال آليات التحفيز و العقاب، و التي تزيد أو تقلل من الألم أو اللذة المترتبة على السلوك. استخدام اللذة و الألم للتحكم بالسلوك البشري يعني ان علماء النفس السلوكيين استخدموا مبادئ مذهب اللذة كأدوات للتنبؤ بالسلوك البشري. على سبيل المثال، قانون ثورندايك في التأثير ينص على أن: "السلوكيات المرتبطة باللطف سوف يتم إكتسابها، أما المرتبطة بالألم فسوف يتم إطفائها"، و هكذا نرى أن مبادئ مذهب اللذة أصبحت مع المدرسة السلوكية أدوات للتنبؤ. في العادة، تقوم تجارب السلوكيين، المعتمدة على البشر و الحيوانات، على إفتراض بأن موضوع التجربة سيطلب اللذة و يتجنب الألم. و لكن، و على الرغم من أنه قد تم تضمين مذهب اللذة في المبادئ المؤسسة و الأساليب التجريبية للمدرسة السلوكية، تبقى السلوكية متوقفة عند شرح و تفسير ظاهر السلوكيات البشرية، و لا تسعى للبحث و النظر - كما في مذهب اللذة - في العلة النهائية للأفعال البشرية. و لهذا، فإن السلوكية تستخدم مذهب اللذة و لكنها لا تتمسك به تماماً كما في بعض المعارف الأخرى التي تتمحور حول الكشف عن العلة الأولى وراء السلوك البشري.

مراجع[عدل]

  1. ^ "معلومات عن أنانية نفسية على موقع jstor.org". jstor.org. مؤرشف من الأصل في 2020-04-14.
  2. ^ "معلومات عن أنانية نفسية على موقع iep.utm.edu". iep.utm.edu. مؤرشف من الأصل في 2020-04-07.

طالع أيضاً[عدل]