سبط بنيامين

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
سبط بنيامين
خارطة الأسباط في أرض كنعان
المعطيات
النطاق الجغرافيغرب آسيا
أهم المواقعالقدس
يسبقهاالمملكة المصرية الحديثة
يليهامملكة إسرائيل الموحدة
قبيلة بنيامين

وفقًا للتوراة، فإن سبط بنيامين (بالعبرية: בִּנְיָמִן) هو أحد أسباط بني إسرائيل الاثني عشر. ينحدر السبط من نسل بنيامين أصغر أبناء يعقوب من زوجته راحيل.[1] في التوراة السامرية، يظهر الاسم في صيغة "بنياميم" (بالعبرية: בנימים).

استقر سبط بنيامين شمالي أراضي سبط يهوذا، إلى الجنوب من مملكة إسرائيل الشمالية، وكانت له أهمية كبيرة في الروايات الكتابية حيث جاء منه العديد من قادة بني إسرائيل، بما في ذلك أول ملوك بني إسرائيل شاول، والعديد من الزعماء الأوائل في زمن القضاة. في فترة القضاة، دخلوا في حرب أهلية كادت تؤدي إلى انقراضهم تقريبًا كقبيلة. بعد انقسام مملكة إسرائيل الموحدة، انضم سبط بنيامين إلى مملكة يهوذا الجنوبية. وبعد تدمير مملكة يهوذا على يد البابليين في أوائل القرن السادس قبل الميلاد وترحيل سكانها، فاختفى ذكر سبط بنيامين من التاريخ.

الاسم[عدل]

وفقًا لرواية سفر التكوين،(التكوين 35: 16-18) وُلد بنيامين نتيجة ولادة مؤلمة ماتت فيها أمه، وفسمّته أمه قبل موتها اسم "بن أوني" أي "ابن ألمي". إلا أن أباه يعقوب فضّل تسميته "بنيامين"، والذي يعني في العبرية "ابن يميني". جغرافيًا، قد يعني مصطلح بنيامين "ابن الجنوب" من منظور مملكة إسرائيل الشمالية، حيث كانت أراضي بنيامين في الطرف الجنوبي للمملكة الشمالية.[2]

بنيامين
بالعباكرأشبيلجيرانعمانإيحيروشمفيمحفيمأرد

الرواية الكتابية[عدل]

بعد غزو أرض كنعان على يد يشوع إلى زمن تأسيس مملكة إسرائيل الموحدة، كان سبط بنيامين جزءًا من اتحاد أسباط بني إسرائيل. لم تكن هناك حكومة مركزية، وفي زمن الأزمات كان يقود الشعب قادة مختصون يُعرفون باسم القضاة.

معركة جبعة[عدل]

يروي سفر القضاة أن اغتصاب إحدى سريات أحد أفراد سبط لاوي على يد عصابة من سبط بنيامين تسبب في معركة في جبعة، سعت فيها أسباط إسرائيل الأخرى للانتقام، فقُتل نتيجة لذلك أفراد من سبط بنيامين بينهم نساء وأطفال. كادت الأسباط الأخرى أن يبيدوا سبط بنيامين بأكمله تقريبًا. نجا ستمائة رجل من سبط بنيامين بالاختباء في كهف لمدة أربعة أشهر. ومع ذلك، يشير النص عدة مرات إلى أن محاربي سبط بنيامين "رجال شجعان" على الرغم من هزيمتهم.[3](القضاة 20: 44-46)

أشفقت الأسباط الإسرائيلية الأخرى على سبط بنيامين، وسمحوا لهؤلاء الرجال الستمائة بالاستمرار في أرض سبط بنيامين، لكن لم يكن لديهم الاستعداد لتزويجهم من بناتهم لأنهم تعاهدوا على أل يزوجوهم من بناتهم. وللتغلب على ذلك، قتلوا رجال ونساء يابيش-جلعاد [الإنجليزية] الذين لم يظهروا حدادًا كباقي بني إسرائيل على سبط بنيامين الذي كاد أن يفنى، واستبقوا 400 عذراء منهم ليزوجوهن برجال سبط بنيامين. أما المائتا رجل الباقون، اتفقوا معهم على أن يذهبوا إلى مكان الاحتفال بأحد الأعياد في شيلوه ويختبئوا في الكروم، وينتظر خروج العذارى للرقص، فيخطف كل منهم زوجة لنفسه ويعود بها إلى منزله.(القضاة 19-21)

مملكة إسرائيل الموحدة[عدل]

ردًا على التهديد المتزايد من غارات الفلستيين، شكلّت أسباط بني إسرائيل نظامًا ملكيًا مركزيًا قويًا خلال القرن الحادي عشر قبل الميلاد. كان شاول أول ملك هذا الكيان الجديد من سبط بنيامين،(صموئيل الأول 9: 1-2) الذي كان وقتئذ أقل الأسباط عددًا، وجعل عاصمة ملكة في جبعة.

بعد وفاة شاول، ظلت جميع ألسباط، باستثناء سبط يهوذا، على ولائها لإيشبوشث بن شاول وخليفته على عرش إسرائيل، ولكن نشبت حرب بين بيت شاول وبيت داود. حاول داود استمالة الأسباط، إلا أن سبط بنيامين كانوا أكثرهم معارضة له خوفًا من فقدانهم الكرامة والميزة مع انتقال البيت الملكي إلى سبط يهوذا.[4]

التاريخ اللاحق[عدل]

بعد وفاة إيشبوشث، انضم سبط بنيامين مع الأسباط الشمالية ونصّبوا داود ملكًا على المملكة الموحدة. وبعد اعتلاء رحبعام بن سليمان، حفيد داود، العرش حوالي سنة 930 ق.م.، انفصلت الأسباط الشمالية عن حكم سلالة داود، شكّلوا مملكة إسرائيل الشمالية، في حين يقي سبط بنيامين جزءًا من مملكة يهوذا الجنوبية إلى أن سقطت مملكة يهوذا على أيدي البابليين حوالي سنة 586 ق.م. وتعرّضوا للتهجير. مع انتهاء السبي، لم يعد هناك تمييزًا بين سبطي بنيامين ويهوذا لصالح هوية يهودية مشتركة، رغم إشارة سفر أستير إلى أن مردخاي كان من سبط بنيامين.(أستير 2: 5) وحتى زمن يسوع الناصري، ظل البعض (وخاصة بولس الطرسوسي) يحددون أصولهم البنيامينية:(الرسالة إلى أهل فيلبي 3: 4-6)

«مع أن لي أن أتكل على الجسد أيضًا. إن ظن واحد آخر أن يتكل على الجسد فأنا بالأولى. من جهة الختان مختون في اليوم الثامن، من جنس إسرائيل، من سبط بنيامين، عبراني من العبرانيين. من جهة الناموس فريسي. من جهة الغيرة مضطهد الكنيسة. من جهة البر الذي في الناموس بلا لوم.»

الشخصية[عدل]

تصف عدة مقاطع في الكتاب المقدس سبط بنيامين بأنهم مولعون بالقتال،[5] كما وُصفوا بانتشار المقاتلون العُسر بينهم،(القضاة 20: 16) وأنهم شجعان ورماة مهرة.(أخبار الأيام الأول 8: 40) وفي بركة يعقوب، يُشار إلى سبط بنيامين بأنه "ذئب يفترس(التكوين 49: 27) فُسّر ذلك قديمًا على أنه إشارة إلى قوة أحد أفراد السبط، إما البطل إيهود أو الملك شاول، أو مردخاي في رواية سفر أستير، أو في الأوساط المسيحية إلى الرسول بولس.[5]

جدارية سامرية على جبل جرزيم تمثل سبط بنيامين، ويظهر فيها رمز الذئب. وكلمة "بنيامين" أو "بنياميم" بالعبرية السامرية بالكتابة السامرية.

أراضي السبط[عدل]

وفقًا للكتاب المقدس العبري، بعد انتهاء غزو بني إسرائيل لأرض كنعان، قسّم يشوع الأرض بين الأسباط الاثني عشر. يؤرخ كينيث كيتشن هذا الغزو إلى ما بعد سنة 1200 ق.م. بفترة وجيزة،[6] إلا أن هناك إجماع من العلماء المعاصرين على أن الفتح الذي وصفه سفر يشوع لم يحدث قطّ.[7][8][9] ويروي الكتاب المقدس أن يشوع خصص لسبط بنيامين المنطقة الواقعة بين أرض سبط أفرايم في الشمال وأرض سبط يهوذا في الجنوب، ويحدّها نهر الأردن من الشرق، وضمّت العديد من المدن ذات الأهمية التاريخية، مثل بيت إيل وجبعة وتطل على التلال الشمالية للقدس.(يشوع 18: 11-28)

وفقًا للمصادر الحاخامية، سمّى السفر فقط البلدات والقرى الواقعة على الحدود الشمالية والجنوبية فقط، لذا فجميع البلدات والقرى غير المسماة الواقعة بين هذه الحدود تقع ضمن أرض سبط بنيامين.[10] يذكر التلمود البابلي ثلاثًا من هذه المدن، التي كانت جميعها في السابق محاطة بسور، وكانت تابعة لسبط بنيامين: اللد وأونو[11][12] وجي ههراشيم.[13] وأن أقصى جنوب أرض سبط بنيامين "منبع مياه نفتوح" المذكور في يشوع 18: 15، وهو مكان يُعرف باسم كفر لفتا على يسار الطريق الداخل إلى القدس، وهي الآن قرية عربية مهجورة، وأن كلمة لفتا هي تحريف للاسم العبري نفتوح، حيث لا يزال هناك ينبوع طبيعي بهذا الاسم.[14]

ورغم أن اليبوسي (القدس) كانت في المنطقة المخصصة لسبط بنيامين،(يشوع 18: 28) إلا أنها ظلت تحت السيطرة المستقلة لليبوسيين. يُشير سفر القضاة 1: 21 إلى أن المدينة كانت ضمن أراضي سبط بنيامين بينما أشار سفر يشوع 15: 63 إلى أن المدينة كانت ضمن أراضي سبط يهوذا. في كلا الحالتين، ظلت القدس مدينة يبوسية مستقلة حتى غزاها داود(أخبار الأيام الأول 11: 4-8) على الأرجح في القرن الحادي عشر قبل الميلاد، وجعلها عاصمة لمملكة إسرائيل الموحدة.[15] بعد تفكك المملكة الموحدة، ظلت القدس عاصمة لمملكة يهوذا الجنوبية.

ملكية بيت إيل أيضًا غامضة، فعلى الرغم من أن يشوع خصص بيت إيل لسبط بنيامين، إلا أنه في زمن دبوره، تُوصف بيت إيل بأنها كانت في أرض سبط أفرايم.(القضاة 4: 5) ثم، وفقًا لسفر أخبار الأيام الثاني، بعد حوالي عشرين عامًا من تفكك المملكة الموحدة، هزم أبيا ملك يهوذا [الإنجليزية]، يربعام ملك مملكة إسرائيل الشمالية، واستعاد مدن بيت إيل ويشانة وعفرون والقرى المحيطة بها.(أخبار الأيام الثاني 13: 17-19) ويُعتقد أن عفرون هي عفرة التي خصصها يشوع أيضًا لسبط بنيامين.(يشوع 18: 20-28) وفي بركة موسى التي صوّرها الكتاب المقدس على أنها نبوءة من قبل موسى حول الوضع المستقبلي للأسباط الاثني عشر، وُصف سبط بنيامين بأنه "بين منكبي (يهوه) يسكن"، (التثنية 33: 12) في إشارة إلى موقعه بين السبط الرئيسي لمملكة إسرائيل الشمالية (سبط أفرايم)، والسبط القائد في مملكة يهوذا (سبط يهوذا).

نقش يظهر به الذئب شعار سبط بنيامين.

المراجع[عدل]

  1. ^ Lemche، Niels Peter (2004). Historical dictionary of ancient Israel. Historical dictionaries of ancient civilizations and historical eras. Lanham, Md.: Scarecrow Press. ص. 80–81. ISBN:978-0-8108-4848-1.
  2. ^ Benjamin D. Giffone (20 أكتوبر 2016). 'Sit At My Right Hand': The Chronicler's Portrait of the Tribe of Benjamin in the Social Context of Yehud. Bloomsbury Publishing. ص. 100. ISBN:978-0-567-66732-8. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09.
  3. ^ the Cambridge Bible for Schools and Colleges suggests that the description should only have occurred once, in verse 46, and also appeared in verse 44 as the result of "a copyist's error". G. A. Cooke (1913). A. F. Kirkpatrick (المحرر). The Book of Judges. The Cambridge Bible For Schools And Colleges. Edinburgh: Cambridge University Press. ص. 191. مؤرشف من الأصل في 2023-12-07.
  4. ^ Cambridge Bible for Schools and Colleges on 2 Samuel 3, accessed 6 July 2017. A. F. Kirkpatrick (1881). J. J. S. Perowne (المحرر). The Second Book of Samuel. The Cambridge Bible for Schools and Colleges. Cambridge University Press. ص. 71. مؤرشف من الأصل في 2023-12-09.
  5. ^ أ ب Gottheil, Richard, et al. (1906) "Benjamin," in the Jewish Encyclopedia.
  6. ^ Kitchen, Kenneth A. (2003), On the Reliability of the Old Testament (Grand Rapids, Michigan. William B. Eerdmans Publishing Company)((ردمك 0-8028-4960-1))
  7. ^ "Besides the rejection of the Albrightian 'conquest' model, the general consensus among OT scholars is that the Book of Joshua has no value in the historical reconstruction. They see the book as an ideological retrojection from a later period — either as early as the reign of Josiah or as late as the Hasmonean period." K. Lawson Younger Jr. (1 أكتوبر 2004). "Early Israel in Recent Biblical Scholarship". في David W. Baker؛ Bill T. Arnold (المحررون). The Face of Old Testament Studies: A Survey of Contemporary Approaches. Baker Academic. ص. 200. ISBN:978-0-8010-2871-7.
  8. ^ "It behooves us to ask, in spite of the fact that the overwhelming consensus of modern scholarship is that Joshua is a pious fiction composed by the deuteronomistic school, how does and how has the Jewish community dealt with these foundational narratives, saturated as they are with acts of violence against others?" Carl S. Ehrlich (1999). "Joshua, Judaism and Genocide". Jewish Studies at the Turn of the Twentieth Century, Volume 1: Biblical, Rabbinical, and Medieval Studies. BRILL. ص. 117. ISBN:90-04-11554-4.
  9. ^ "Recent decades, for example, have seen a remarkable reevaluation of evidence concerning the conquest of the land of Canaan by Joshua. As more sites have been excavated, there has been a growing consensus that the main story of Joshua, that of a speedy and complete conquest (e.g. Josh. 11.23: 'Thus Joshua conquered the whole country, just as the Lord had promised Moses') is contradicted by the archaeological record, though there are indications of some destruction and conquest at the appropriate time." Adele Berlin؛ Marc Zvi Brettler (17 أكتوبر 2014). The Jewish Study Bible: Second Edition. Oxford University Press. ص. 951. ISBN:978-0-19-939387-9. مؤرشف من الأصل في 2023-02-13.
  10. ^ Rashi on Joshua 15:21; Babylonian Talmud, Baba Bathra 51a; Gittin 7a.
  11. ^ Ishtori Haparchi, Kaphtor u'ferach (ed. Avraham Yosef Havatzelet), vol. II (third edition), chapter 11, s.v. מלוד לאונו, Jerusalem 2007, p. 75 (note 265)(Hebrew). Kafr 'Ana actually represents a Byzantine-period expansion of a nearby and much older site – Kafr Juna, believed to be the ancient Ono. See p. 175 in: Taxel، Itamar (مايو 2013). "Rural Settlement Processes in Central Palestine, ca. 640–800 c.e.: The Ramla-Yavneh Region as a Case Study". Bulletin of the American Schools of Oriental Research. ج. 369 ع. 369: 157–199. DOI:10.5615/bullamerschoorie.369.0157. JSTOR:10.5615/bullamerschoorie.369.0157. S2CID:163507411.
  12. ^ Maisler، Benjamin (1932). "A Memo of the National Committee to the Government of the Land of Israel on the Method of Spelling Transliterated Geographical and Personal Names, plus Two Lists of Geographical Names". Lĕšonénu: A Journal for the Study of the Hebrew Language and Cognate Subjects (بالعبرية). ج. 4 ع. 3: 19. JSTOR:24384308.
  13. ^ Tractate Megillah 4a
  14. ^ Khalidi, Walid (1991) All That Remains: The Palestinian Villages Occupied and Depopulated by Israel in 1948. Institute for Palestine Studies: Washington, D.C. 1992, pp. 300–303.
  15. ^ Greenfeld، Howard (29 مارس 2005). A Promise Fulfilled: Theodor Herzl, Chaim Weizmann, David Ben-Gurion, and the Creation of the State of Israel. Greenwillow. ص. 32. ISBN:0-06-051504-X.

وصلات خارجية[عدل]