الكتاب المقدس والعنف

من ويكيبيديا، الموسوعة الحرة
الاستيلاء على أريحا (جان فوكيه، 1452-1460)

يحتوى الكتاب المقدس سواء العهد القديم أو العهد الجديد على العديد من المقاطع التي إما تتخد منهج ومنحنى عنيف أو أخرى ترفض العنف. ومن الأمثلة على الأحداث العنيفة سرد الأنشطة التي قامت بها أمة بني إسرائيل في صراعها مع غير اليهود. بالإضافة للصراعات الأهلية والتمييز بين البشر على أساس عنصري قومي.

قد يظهر العنف في الكتاب المقدس في القصص، أو الأشعار أو أوامر الرب سواء الأوامر بالقتل والعنف والحرب ضد عدد من الفئات أو بإدانة العنف ضد فئات أخرى، فقد يظهر العنف على شكل حروب أو قتل أو اغتصاب أو الرجم أو انتهاكات جنسية أو استرقاق أو عقوبات جنائية العنيفة.[1] تلك النصوص لها تاريخ من التفسير في الثقافة الغربية التي تشمل كل من معارضة أو تبرير أعمال العنف.[2]

في العهد القديم[عدل]

الاستخدام للكلمة[عدل]

كلمة אַלִימוּת تعني بالعبرية العنف أو الظلم، استخدم مصطلح العنف لأول مرة في سفر التكوين 6:11: ﴿وَفَسَدَتِ الْأَرْضُ أَمَامَ اللَّهِ، وَٱمْتَلأَتِ الأَرْضُ ظُلْمًا.﴾[3]:256:5 وقد تكررت ستين مرة في العهد القديم، هو دائما ما تُستخدم لوصف العنف الجسدي (مثل التكوين 49:5، والقضاة 9:24).[4]:2[5] وفي بعض الأحيان تشير إلى الشر الشديد (إشعياء 53:8، 59:6)،[6][7]:10–11[8] وقد تشير إلى العنف اللفظي أو الأخلاقي،[9] وفي بعض الأحيان يُفسّر كصرخة إلى الله في وجه الظلم (إرميا. 6:7).:3[10]

في الأسفار[عدل]

سفر العدد[عدل]

رجم كاسر السبت لجيمس تيسو 1900

يذكر السفر قصة رجم الرجل الذي عمل في يوم السبت، حيث أمر الرب أن يتم رجمه، ﴿فَأَخْرَجَهُ كُلُّ الْجَمَاعَةِ إِلَى خَارِجِ الْمَحَلَّةِ وَرَجَمُوهُ بِحِجَارَةٍ، فَمَاتَ كَمَا أَمَرَ الرَّبُّ مُوسَى﴾ (العدد 15:36).[11]

أما العدد:31 فيعتبر أكثر الإصحاحات الجدلية في السفر، والتي تحض على القتل وسبي النساء والأطفال وحرق المدن خلال الحرب في مؤاب، ومن هذه النصوص: ﴿وَسَبَى بَنُو إِسْرَائِيلَ نِسَاءَ مِدْيَانَ وَأَطْفَالَهُمْ، وَنَهَبُوا جَمِيعَ بَهَائِمِهِمْ، وَجَمِيعَ مَوَاشِيهِمْ وَكُلَّ أَمْلَاكِهِمْ. وَأَحْرَقُوا جَمِيعَ مُدُنِهِمْ بِمَسَاكِنِهِمْ، وَجَمِيعَ حُصُونِهِمْ بِالنَّارِ. العدد 31: 10-11﴾ وكما تحتوى على الأمر بقتل الأطفال الأسرى وبعض النساء: ﴿فَٱلآنَ اقْتُلُوا كُلَّ ذَكَرٍ مِنَ الأَطْفَالِ. وَكُلَّ امْرَأَةٍ عَرَفَتْ رَجُلاً بِمُضَاجَعَةِ ذَكَرٍ اقْتُلُوهَا. لكِنْ جَمِيعُ الأَطْفَالِ مِنَ النِّسَاءِ اللَّوَاتِي لَمْ يَعْرِفْنَ مُضَاجَعَةَ ذَكَرٍ أَبْقُوهُنَّ لَكُمْ حَيَّاتٍ. العدد 31: 17-18﴾.[12]

سفر يشوع[عدل]

يظهر الأمر بالعنف مرة أخرى في معركة أريحا. حيث أمر يشوع بحرق كل ما في المدينة بما فيها من رجل وامرأة وطفل وشيخ حتى البقر والغنم ما عدا راحاب الزانية حسب نص يشوع 6، ﴿وَحَرَّمُوا كُلَّ مَا فِي الْمَدِينَةِ مِنْ رَجُل وَٱمْرَأَةٍ، مِنْ طِفْل وَشَيْخٍ، حَتَّى الْبَقَرَ وَالْغَنَمَ وَالْحَمِيرَ بِحَدِّ السَّيْفِ﴾، ﴿وَأَحْرَقُوا الْمَدِينَةَ بِالنَّارِ مَعَ كُلِّ مَا بِهَا، إِنَّمَا الْفِضَّةُ وَالذَّهَبُ وَآنِيَةُ النُّحَاسِ وَٱلْحَدِيدِ جَعَلُوهَا فِي خِزَانَةِ بَيْتِ الرَّبِّ.﴾.:100,101 فشلت المحاولة الأولى للاستيلاء على المدينة، وبعد محاولة ثانية ينتصر بنو إسرائيل وينتهي يشوع 8 بحرق المدينة بأكملها ومقتل جميع سكانها.[13]

في العهد الجديد[عدل]

Jesus holds a whip in his hand in striking position while merchants scramble away, or brace for blows.
 تطهير المسيح للهيكل.

ترد أقوال ليسوع توحي بالدعوة للعنف مثل نص متى 10: 34 ﴿لَا تَظُنُّوا أَنِّي جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا عَلَى الْأَرْضِ. مَا جِئْتُ لِأُلْقِيَ سَلَامًا بَلْ سَيْفًا﴾.[14]:176ff بالإضافة لحادثة تطهير الهيكل التي تُعتبر عمل عنيف مباشر من قِبل يسوع.[15] وثمة أقوال أخرى ليسوع تعارض وتنبذ العنف، مثل إدارة الخد الآخر رافضاً فكرة الانتقام أو العين بالعين حيث قال يسوع في موعظته على الجبل (متى 5:38–40): ﴿سمِعْتُمْ أَنَّهُ قِيلَ: عَيْنٌ بِعَيْنٍ وَسِنٌّ بِسِنٍّ. وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: لَا تُقَاوِمُوا ٱلشِّرِّيرَ، بَلْ مَنْ لَطَمَكَ عَلَى خَدِّكَ ٱلْأَيْمَنِ، فَأَدِرْ لَهُ ٱلْآخَرَ أَيْضًا. وَمَنْ أَرَادَ أَنْ يُحَاكِمَكَ وَيَأْخُذَ قَمِيصَكَ، فَٱتْرُكْ لَهُ رِدَاءَكَ أَيْضًا.﴾ بالإضافة لدعوة يسوع إلى المحبة والإحسان تجاه الأعداء (متى 5:44): ﴿وَأَمَّا أَنَا فَأَقُولُ لَكُمْ: أَحِبُّوا أَعْدَاءَكُمْ. بَارِكُوا لَاعِنِيكُمْ. أَحْسِنُوا إِلَى مُبْغِضِيكُمْ، وَصَلُّوا لِأَجْلِ الَّذِينَ يُسِيئُونَ إِلَيْكُمْ وَيَطْرُدُونَكُمْ،﴾ وبحسب الباحث كارل فوت تعد هذه الآية أهم المعتقدات المركزية للأخلاق المسيحية،[16] ويذكر الباحث اللاهوتي أولريش لوتز أن الأفكار التي تنقلها هذه الآية هي ما يفصل المسيحية عن جميع الأديان التي سبقتها.[17] ومن الأمثلة الأخرى على رفض العنف في العهد الجديد قصة عدم رجم المرأة الزانية.:159

انظر أيضًا[عدل]

المراجع[عدل]

  1. ^ Creach، "Jerome F. D." (2013). Violence in Scripture: Resources for the Use of Scripture in the Church. Louisville, Kentucky: Westminster John Knox Press. ISBN:978-0-664-23145-3.
  2. ^ Fletcher، George P.؛ Olin، "Jens David" (2008). Humanity, When Force is Justified and Why. New York, New York: Oxford University Press,Inc. ص. 50. ISBN:978-0-19-518308-5.
  3. ^ Clines، David J.A. The Dictionary of Classical Hebrew. ج. Volumes III and IV. {{استشهاد بكتاب}}: |المجلد= يحوي نصًّا زائدًا (مساعدة)
  4. ^ Creach، Jerome (يوليو 2016). "Violence in the Old Testament". The Oxford Research Encyclopedia of Religion. Oxford University Press. DOI:10.1093/acrefore/9780199340378.001.0001/acrefore-9780199340378-e-154 (غير نشط 11 أبريل 2018). مؤرشف من الأصل في 2018-10-02. اطلع عليه بتاريخ 2017-12-23.{{استشهاد ويب}}: صيانة الاستشهاد: وصلة دوي غير نشطة منذ 2018 (link)
  5. ^ Block، Daniel I. (1997). The Book of Ezekiel, Chapters 1 24. Grand Rapids, Michigan: Eerdman's. ص. 267. ISBN:0-8028-2535-4.
  6. ^ Sprinkle، Preston (2013). Fight: A Christian Case for Non-Violence. David C. Cook. ص. 278. ISBN:978-1-4347-0492-4.
  7. ^ Brenneman، Laura؛ Schantz، Brad D.، المحررون (2014). "Chapter 2 Willard Swartley". Struggles for Shalom: Peace and Violence across the Testaments. Wipf and Stock. ص. 18. ISBN:978-1-62032-622-0.
  8. ^ Wright، Jacob L. (2008). "Warfare and Wanton Destruction: A Reexamination of Deuteronomy 19:19–20 in Relation to Ancient Siegecraft". Journal of Biblical Literature. 127.3: 423–458.
  9. ^ G. Johannes Botterweck؛ Helmer Ringgren (1979). Theological Dictionary of the Old Testament. Wm. B. Eerdmans Publishing. ج. 4. ص. 478–87. ISBN:0802823270.
  10. ^ Stroebe، H. J. (1997). Ernst Jenni and Claus Westermann (المحرر). ""חמס ḥāmas, violence"". Theological Lexicon of the Old Testament translated by Mark Biddle in 3 vols. Peabody, MA: Hendrickson. ج. 1. ص. 437–439.
  11. ^ Hiers، Richard H. (2009). Justice and Compassion in Biblical Law. New York: Continuum. ص. 115.
  12. ^ Rees، Anthony (2015). [Re]Reading Again: A Mosaic Reading of Numbers 25. Bloomsbury, T&T Clark. ص. 18–20, 23. ISBN:978-0-56755-436-9.
  13. ^ Gabriel، Richard A. (2003). The Military History of Ancient Israel. Westport, Connecticut: Praeger Publishers. ص. 133–137. ISBN:0-275-97798-6.
  14. ^ Stroumsa، Gedaliahu G. (1994). "Early Christianity as Radical Religion". في Alon، Ilai؛ Gruenwald، Ithamar؛ Singer، Itamar (المحررون). Concepts of the other in Near Eastern religions. Leiden u.a.: Brill. ص. 173–194. ISBN:9789004102200.[وصلة مكسورة]
  15. ^ War, A Catholic Dictionary: Containing some Account of the Doctrine, Discipline, Rites, Ceremonies, Councils, and Religious Orders of the Catholic Church, W. E Addis, T. Arnold, Revised T. B Scannell and P. E Hallett, 15th Edition, Virtue & Co, 1953, Nihil Obstat: Reginaldus Philips, Imprimatur: E. Morrogh Bernard, 2 October 1950, "In the Name of God : Violence and Destruction in the World's Religions", M. Jordan, 2006, p. 40
  16. ^ The Sermon on the mount: a theological investigation by Carl G. Vaught 2001 (ردمك 978-0-918954-76-3) pages xi–xiv
  17. ^ Luz, Ulrich. Matthew 1-7: A Commentary. trans. Wilhem C. Linss. Minneapolis: Augsburg Fortess, 1989.